Saturday, August 30, 2008

حين أدمنا الكلام



مقالات ونقاشات وحوارات واقتراحات ......ندوات ولقاءات ومحاضرات ... مجموعة ضخمة ومهولة من الجمل والكلمات
كنت في البداية احب متابعة ذلك والمشاركة فيه

لكن حين يتحول هذا الامر الي شئ اشبه بالوباء ينتشر بين الجميع
وحين يظهر جيل جديد منذ صغره يدمن الكلام ...والكلام وفقط
وحين يناقش بعضنا اشياءا ربما لا تتاح له المعلومات الكافية الخاصة بها مما يجعل كلامه في غير موضعه فالصورة ليست كاملة امامه ...والرؤية ليست واضحة
وحين صرنا نتحدث ونتحدث ونتحدث حتي طغي وقت الحديث علي وقت العمل
وحين ادمننا التنظير حتي شغلنا عن ميدان العمل الحقيقي وهو احق واوالي بتواجدنا فيه

حين حدث كل ذلك كانت النتيجة الحتمية ..... أن كان المردود اقل بكثييييييييييييير مما كان يناقش
وبدلا من ان تكون المناقشات الفكرية او النقد الذاتي او الحوارات الفكرية بقدر معقول وعلي قدر الحاجة اليها
استبدلها بعضنا بالعمل علي ارض الواقع - اقول بعضنا لا كلنا -

اتساءل عن جيلنا الحالي واقارن بينه وبين من سبقونا
مقارنة بسيطة بين جيل كان يعمل افراده في صمت رغم ما كان يقابلهم من جهل الناس بهم وخوفهم منهم وضيق المساحات المتاح لهم التحرك فيها ...لكنهم عرفوا كيف يؤدون حقها
بينما نحن الجيل الذي اتيح له ان يتواجد في مرحلة الانفتاح علي المجتمع فاذ به ينشغل بالاندماج في المجتمع ويناسي لم كان هذا الانفتاح وما هدفه
وبدلا من ان يكون الاندماج وسيلة تستخدم لتوصيل رسالة وفكرة ومعني
شغلتنا الوسيلة وألياتها وطرقها عن العمل نفسه
شغلنا تجهيز ساحة المعركة عن المعركة نفسها
اتساءل عما اذا كنا حين تحدثنا قد ادينا جميع واجباتنا
هل ادي كل منا واجب الدعوة كل في مجاله؟
اتساءال عن حلقات المساجد ومدي انتظام انعقادها..هذا ان عقدت اصلا
اتساءال عن الكلمة القصيرة بعد كل صلاة في المسجد
اتساءال عن لجان الاشبال والزهرات وحفلاتهم ورحلاتهم وانشطتهم المختلفة ...هل مازالت بنفس قوتها كما كانت قديما
اتساءل عن قوافل الدعوة تنزل لتنشر عبيرها وسط الناس
اتساءل عن صلاة الفجر والمساجد التي ان كانت تنادي المصلين اليها ...فانها تستصرخ ذلك الذي ارتضي هذا الطريق ثم غاب عنها
اتساءال عن تساهل في الاوراد ما كان يتم في الجيل السابق

اتسائل عن علم وثقافة ننتظر ان تهبط علينا من السماء لا ان نبحث عن طرق لتنميتها وزيادتها
اتسال عن افراد ادمنت الاعتراض للاعتراض


اتساءل عن كل هذا
وعن اذا كنا حين نمارس كل هذا الكلام مارسناه بعد ان ادينا ميدان العمل حقه ....و حين نادنا ميدان الكلام والمناظرات والحوارات الفكرية لبينا لاننا كنا قد فرغنا من الميدان الاهم



لست ارفض تلك الحوارات او النقاشات بل اراها ضرورة ملحة لاي منظومة تريد ان ترتقي بافرادها وبكيانها
وتصنع مناخا صحيا يسمح بالتطوير المستمر لتلك المنظومة
لكنني كذلك اري اننا حين نقصر في الجوانب الاخري تتحول تلك الضرورة الي نوع من الترف الفكري لسنا اهلا له
فقط نصبح أهلَ له حين نوازن بين القول والعمل ... فهل نحن نفعل ذلك ؟
هو فقط مجرد سؤال
هل نحن ممن يحققون هذا التوازن ؟