Saturday, August 8, 2009

تساؤلات ...او ربما هلوسات


تري جموع الاباء تفترش فناء المدرسة لمدة ايام ...تسمع من الكبار مفردات تحاول فهمها او استيعابها فلا تستطيع... يقولون اعتصام .. ويقولون استيلاء مالي واداري علي المدرسة .. تسأل زميلاتها الاكبر عما يحدث فيجبنها : الحكومة عايزة تاخد المدرسة
ما زالت لا تفهم ... تتوجه صوب مدرستها الفضلي لتسالها : أبلة ..هوه يعني ايه الحكومة عايزة تاخد المدرسة؟
تصمت مدرستها بحثا عن جواب ثم تقول : يعني تمَشي المدرسات كلهم والمديرة وتجيب ناس تانيين من عندها
تحاول استيعاب تلك الاجابة ... يتبادر لذهنها تساؤل آخر : طب ليه الحكومة عايزة كده؟
تبتسم المدرسة وتجيب دون تفكير وكأنه امر بديهيي ومفهوم : عشان مدرستنا مدرسة اسلامية
لانها مدرسة اسلامية !!!!...يختلط عليها الامر ..هل تلك اجابة .. ام لغز ...تلتفت مرة اخري لمدرستها بسؤال ثالث : وهي مدرسة اسلامية دي حاجة وحشة يا أبلة ؟؟
لكن الأبلة هذ المرة تنظر اليها في اشفاق وتبتسم في صمت ولا تجيب
.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
.

كل شئ جاهز ..كتاب القراءة للصف الخامس امامها علي التسريحة ... و فرشاة الشعر بيدها
تنظر لصورتها في المرآة امامها وتعدل من هندامها للمرة الالف ... ثم تصنع من فرشاة الشعر ميكروفونا ... و تبدأ بالتحدث
تيدأ بتحية المشاهدين ثم تشرع في قراءة المكتوب في صفحة الكتاب امامها ...بغض النظر عن الموضوع المقروء فلا يعنيها البتة ايٌّ الاشياء تقرأ ...فقط هي تحب القراءة ...تغير في نبرات صوتها ...وتنفعل مع الكلمات التي تقرأها .. تماما كما علمتها مدرستها المسئولة عن لجنة الصحافة والاذاعة
تراقبها أمها من بعيد بابتسامة ... يصيبها بعض الحرج حين تنتبه لمراقبة امها لها
تقطع ما تفعله ...وتتجه صوب امها وتبادرها بالسؤال : ماما ...الابلة في المدرسة بتقولي ان صوتي اذاعي حلو واسلوبي في القراية معبر...
تبتسم ابتسامة خجلي وتكمل : تخيلي انها بتقولي اني لما اكبر لو اشتغلت مذيعة ..هابقي مذيعة كبيرة خااالص
ماما ...هوه ينفع لما اكبر اشتغل مذيعة؟؟؟
تبتسم الام من جديد ... لكنها تظل تنظر اليها في صمت ولا تجيب

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
.
... وجه ضاحك ....وعقل متفتح....وروح صافية ... ويد تحمل الخير لكل من عرفها يوما ما
كانت تستمتع بمراقبتها في كل افعالها ...
حين تقضي الليل في بيتها و توقظها لصلاة الفجر كانت تستيقظ فورا وليس كما تفعل حين توقظها امها
تحب صلاة الفجر عندها...بعد الصلاة تجلس معها في الشرفة تراقبها وهي تردد الاذكار في انتظار شروق الشمس يغالبها النوم فتستأذنها لتعود لفراشها ...وقبل ان تغادرها تسألها: خالتو انتي مش هتنامي ؟
تجيب : لا.. انا عندي شغل دلوقتي ...يللا روحي نامي انتي
تعود لتنام وتترككها تكمل ورد اذكارها ... لاتنساه يوما وغيره باقي الاوراد فلسانها دائما يتحرك بدعاء او ذكر
وحين تعود من عملها ...وقبل ان ترتاح كانت تبدأ عملا من نوع آخر .. هو اعداد الطعام .. كانت تستمتع بمراقبتها وهي تعد الطعام - كيف تصنع من اقل الاشياء وجبة رائعة - الجميع يعرف عنها ذلك حتي انهم يطلبون منها اعطاء دورات للطبخ للفتيات
تسألها : خالتو هوه انتي بتعرفي تعملي الاكلات الحلوة دي كلها ازاي؟
تجيبها بابتسامة : اي اكله اعمليها بحُب هيطلع طعمها حلو
بعد الطعام يستريح الجميع قليلا ..لكن خالتو تستعد للمغادرة فلديها الان درس تلقيه في المسجد .....تغيب لساعتين ثم تعود لتقضي باقي اليوم مع اولادها تذاكر لذاك وتلاعب تلك وتستمع لذاك وتمزح مع تلك ...يعتبرها اولادها الذكور والاناث صديقتهم الاقرب
وكما اعتبرها صغارها صديقتهم الاقرب ...كذلك اعتبرها معظم من اقترب منها ...اعتادوا الرجوع اليها في مشاكلهم وامورهم ... كانت تملك عقلا متفتحا ورأيا راجحا ... واذن منصتة ...والاهم قلب يحب الجميع
حين اعتقل زوجها وابتعد عنها الاهل والجيران ...بعد ان كان بيتها قبلتهم - والغريب انه عاد ليصير كذلك حين عاد زوجها - كيف كانت نعم الزوجة الوفية الصابرة وكيف كانت تقوم بكل الامور بنفسها وتضيف جدولا مزدحما من الاعمال الي جدولها
... كانت تراقبها وهي تفعل كل ذلك ثم تسأل نفسها كيف تفعل كل ذلك وحدها
ينبهر الاطفال في مثل سنها بأبطال الكارتون بسوبرمان وباتمان ومازنجر وسلاحف النينجا ...لكن طفلتنا تنبهر ب ( خالتو ) وتراها بطلتها الاثيرة
يطاردها السؤال فلا تلبث ان تتوجه به اليها : خالتو انا بيقولوا عليا اني شبهك في حاجات كتير ...
خالتو هوه انا لما اكبر ينفع اكون زيك ؟
لكن خالتو ايضا مثل الباقيين ...تبتسم ولا تجيب

وتكبر الطفلة ...وتكبر معها الاسئلة
تكتشف لم كن يبتسمن ولا يجبن
فبعض الاسئلة لم يكن لها اجابة ...وفقط بمرور الايام نكتشف الاجابة
عرفت اجابة السؤال الاول حين فهمت كيف تتم الامور في اوطان كأوطاننا ... وحكومة كحكومتنا
وعرفت اجابة السؤال الثاني حين مارست الامر كهواية في احدي الاذاعات علي النت ... لكن علي ارض الواقع في العالم الحقيقي اكتشفت ان الامر يحتاج الي الموهبة ..وأشياءا اخري
اما السؤال الثالث فلم تجد له اجابة بعد
فمازلت تحاول ان تكون مثلها


مشكلة الطفلة انها كبرت ...لكنها لم تكف عن مثل تلك التساؤلات ..

.فمازالت تسأل اسئلة ليس لها اجابات

يعتبرها البعض تساؤلات ...وتعتبرها هي هلوسات