Friday, October 10, 2008

دقائق وايام واعوام...فقط

خمس دقائق ...فقط
تكتشف انك محاصر...النار امامك تسد المخرج الوحيد...يتوقف العقل عن التفكير للحظة ...لا بل للحظات
الحصار ما بين المنزل في الطابق الثالث والنار المشتعلة في مدخل العمارة
الضباب الاسود يغطي كل شئ ولا يسمح حتي برؤية حدود الوضع ومدي صعوبة او سهولة السيطرة عليه
علامات الاستفهام تملؤك عن احتمالية تفاقم الوضع وصعوبة السيطرة عليه
شعور العجز يتمدد امام مجهول لا يمكنك حتي تحديده او معرفة مداه
الطوابق كلها خالية في هذا اليوم بالذات وكانه القدر
لا املك سوى الصراخ طلبا للعون من العمارات المجاورة
ياتي العون في لحظات وينتهي كل شئ في خمس دقائق ......لكنه يترك اثرا ربما يستمر كثيرا
ماذا لو كانت تلك الدقائق هي الدقائق الاخيرة لي في الحياة؟
تري هل كنت مستعدة للرحيل؟؟..وهل ننتظر مواقف كتلك المواقف لتذكرنا بالاستعداد للرحيل.. رغم اننا فعليا قد نرحل في اية لحظة



يوم واحد ...فقط


التاريخ 10 رمضان 1429 الموافق 10سبتمبر 2008

مجموعة صغيرة هي ...تضم الاخ الاكبر وانا واختي يرافقنا ابن خالي وصديقتي واحد اصدقاء اخي
نتحرك من الاسكندرية الي القاهرة حيث ننضم للقافلة الاولي لفك الحصار عن غزة والتي تخرج في السادسة صباحا ..نتوقف في الاسماعيلية ويحدث الصدام ...ثم نعود للقاهرة
...ونكرر المحاولة هناك ان نلحق بالقافلة الثانية قبل تحركها لكننا للاسف نصل بعد رحيلها بثلاث او اربع دقائق فحسب ...من جديد نحاول التحرك مع احدهم للعودة الي هناك ...لتتعطل السيارة التي ستنقلنا

هنا نقرر التوقف عن المحاولات... لكننا بحلول الظلام وقبل عودتنا للاسكندرية ندرك ان القافلة الثانية مازلت في الاسماعيلية وانهم قرروا المبيت ونقرر ان نعود اليهم مرة اخري لنصل اليهم في العاشرة مساءا ونظل معهم حتي يقرروا الرحيل ...مجانين نحن ...هكذا ارانا
يوم طويل كان .. ربما كان يوما واحدا فقط لكن احيانا يوم واحد يعلمك الكثير ...ربما اكثر مما تفعله سنوات طوال
في هذا اليوم عشت عبارة كانت تقولها لي احدي اخواتي كانت تقول ( انتم السترة ولكم الأجرة ) ربما لا ترون ايه علاقة مما تعلمته وما كان في في اليوم ...لكن هذا ما تعلمته


يوم واحد .. فقط ...آخر


التاريخ 6 من اكتوبر 2008 الموافق 6 من شوال 1429
لم تكن قافلة ...فلم يتركنا الامن حتي نكمل شد الرحال ...لم يتركنا لنجتمع سويا ونصير تجمعا واحدا يطلق عليه قافلة
لم يتركنا نتحرك ولو ببعد خطوتين من القاهرة .. ولا حتي داخل القاهرة نفسها ولو من قبيل ذر الرماد في العيون
كانت قافلتنا لفك الحصار عن غزة ...واتضح انه في الطريق لفك الحصار عن غزة ...لابد وان نفكه عن مصر اولا
اكثر كلمات سمعناها في هذا اليوم
متمشيش من هنا -
امشي من الشارع ده -
ابعد من هنا -
ورينا شنطتك -
واكثر الوان رايناها في هذا اليوم
هما الابيض والاسود او بمعني آخر ...ملابس الامن ...فلم يكن بالطريق غيرهم وكأن مصر قد خلت الا منهم
واكثر ما كرهت في هذا اليوم
هو احساس العجز ونحن نطوف الشوارع المحيطة بنقابة الصحفيين وبمجمع المحاكم نحاول ان نصل للمجموعة الوحيدة التي نراها والتي استطاعت ان تجمع نفسها رغم كتل الامن ...لكن كل الطرق اليها مغلقة ...وكل الشوارع محاصرة ...حتي محطة المترو اغلقوها هناك
ان تشعر انك مسجون في وطنك ...محبوس في بلدك ...فتدرك عندها كيف ان تلك المدينة...لم تسم عبثا قاهرة
اكثر ما احببت في هذا اليوم
هو لحظة اللقيا مع الاخرين لحظة ان تجمعنا للرحيل ... رغم اننا كنا راحلين ...لكن هون علينا مرارة الرحيل صحبة الطريق فقد كنا طوال اليوم وحدنا انا واخي الاكبر واختي الصغري ... وفقط عند الرحيل قابلنا الاخرين
اكثر ما اسعدني في هذا اليوم
حين افترقنا عن الباقين في اخر الرحلة ...علي وعد بلقياهم في القافلة القادمة وانا ارى نظرة التصميم في العيون .... وروح العزم والصمود تظهر في نبرات اصواتهم ... ونفوسهم لا تعرف الهزيمة او الخنوع وحين رايت الكل يتفق علي اللقاء في القافلة القادمة ...هنا ادركت بأن حصار اليوم لن يثنينا عن فك حصار غزة ...ولا حتي عن فك حصار مصر
لهم جميعا اقول :تصبحون علي .. وطن



عشرة ايام .. فقط
تتكرر كل عام ..انتظرها من عام لاخر ...وما بين كل ما استمده من معاني ومشاعر وطاقة روحانية وايجابية خلال الاعتكاف.. لدي قناعة بانه في كل عام هناك رسالة خاصة تنتظرني في تلك الايام
رسالة تحوي معني جديد ومختلف لم اجربه من قبل او ربما جربته وغاب عن ذهني ويحتاج مني البحث عنه في خبايا العقل
رسالة تأتي كل عام في وقتها ...احيانا اكون بانتظارها واحيانا اخري اجدها حاضرة وبقوة في الايام التالية...المهم انها دائما تكون في وقتها ودائما تؤدي هدفها
انتهت العشر ايام وانتهي الاعتكاف..حاولت ان انهل منه ما يكفيني للعام القادم
ومن بين الكثير والكثير مما نهلت ...كانت هناك تلك العبارة ..ظلت عالقة بالذهن ..تتردد في ردهات العقل بكثرة( مر وهذا الاثر ) نمر ويمر غيرنا كثيرون ...نحاول ان نترك في الناس اثرا ويحاولون ان يتركوا فينا اثرا
لكن ماذا عن عمق الاثر ؟؟
ماذا عن ثباته امام الرياح؟؟
ماذا عن مساحة هذا الاثر في النفوس؟؟
والاهم ... ماذا عن طبيعة هذا الاثر ؟؟ في خلال تلك الايام العشر ...مر علي الكثيرون ...لكن القليل منهم فقط تركوا مثل هذا الاثر
الي هـ .م ... سوف اتذكر دائما مقولة ابن الجوزي ( صبر ساعة خير من عذاب الأبد ، وإذا تعب العبد قليلاً استراح طويلا ) كما كنتي تذكريني
والي م . ع...سوف اتذكر دائما وابدا مقولة الامام حسن البنا ( وليعلم قومنا انهم احب الينا من نفسنا ) فقد كنت اراها فيكي
اليكما جميعا ...جزاكم الله عني خير الجزاء


عام واحد ...آخر
تختلس نظرة الي التقويم امامك ... تفاجئك الحقيقة ... تتساءل في دهشة هل مر عليك عام آخر في هذه الحياة
لم تكن ترغب بمواجهة تلك الحقيقة... هل حقا قد اسدل الستار علي عام اخر ... وبانك قد اتممت 23 عاما في هذه العالم
تجلس مع نفسك تحاول ان تكتشف ماذا قدمت لهذا العالم خلال تلك الفترة
تبحث عن شئ عظيم حققته فلا تجد
تبحث عن شئ يذكرك به الاخرون اذا مت الان فلا تجد
تبحث ربما عن احلام كبري تحققت او ربما انجازات عظيمة قد تمت لتتركها لمن بعدك فلا تجد
تكتشف انه قد مر عليك 23 عام في هذا العالم كنت تحاول الا تكون صفرا جديدا وسط الاصفار ..كنت تحاول ان تكون اكثر من مجرد رقم في سجلات الدولة .. لكنك مازلت تحمل نفس المسمي فقط ربما اصبحت رقما كبيرا ...هذا هو التغيير
وكما اتيت الي الحياة منذ 23عام بهدوء ودون ضجيج .. سترحل يوما ما في هدوء ...تري لو جاءت لك نفس الخاطرة
وقتها هل ستظل نتيجة البحث انك لا تجد